زراعة الأجداد

**مهندس عصام** الجمعة أغسطس 27, 2010 2:32 pm

لكلّ كائن أُمْ والأرض أمنا جميعاً... أقدم من كل كائن في هذا الكون... أتت لأجدادنا، ورثها آباءنا ومنهم إلينا... أطعمت ملايين الملايين من المخلوقات على مر ملايين السنين ولا زالت... ولكن ما الذي تغير الآن؟؟ اسأل أي فلاح عن الأرض، والجواب السريع "لقد أصبحت عاقراً، لم تعد تعطي كما سبق"... كيف يمكن للأرض ذات الملايين من السنين أن تعطي كلّ ذلك الوقت وفجأة تتوقف وتتغير؟؟!!!... أَم الذي تغيّر هو ساكن هذه الأرض؟؟

في القديم كان الفلاح على صلة بالأرض، يعرفها وتعرفه... كان الفلاح قادراً على تحديد نوع المحاصيل التي يمكن أن تنبت في هذه الأرض من خلال النظر إلى التربة... كان يزرعها بما يلائمها، ويعمد إلى تنويع المحاصيل من موسم إلى موسم حتّى لا تتعب الأرض... بالإضافة إلى ذلك فقد كان يغذّيها عن طريق إضافة الأسمدة العضوية المتمثلة بروث الحيوانات بعد أن تكون قد تحللت لمدة كافية، أمّا الآن تحوّل الفلاح إلى ملاّح يقود الأرض وفقاً لرياح السوق، ينتظر أن تهب الرّيح التي تجلب له أكبر ربح ممكن فيعود إلى أرضه ليزرع ذلك المحصول سواء كان يلاءم أرضه أم لا... وإن استمر السعر المرتفع عاود زراعته من جديد مما يجعل الأرض فقيرة جداً وغير قادرة على العطاء كما يريد، كما أنه استعاض عن غذاء الأرض المفضّل وأصبح يقدّم لها السماد الذوّاب الكيماوي وهو أشبه بالمصل، فهو لا يقدِّم جميع العناصر الضرورية وإنما بعض العناصر التي تسرِّع نمو النبات ولكن بصورة مؤقتة، وسرعان ما تعود الأرض فقيرة من جديد بهذه العناصر ليعمد إلى إضافتها عن طريق المصل من جديد وهكذا... مما يؤدي إلى تراكم الآثار السلبية لهذه المواد عاماً بعد عام، وتُصاب التربة بالتملّح وتصبح غير صالحة للزراعة وبالتالي تموت الأرض... وأيضاً يجب أن لا نغفل عن مضار هذه الأسمدة والمبيدات على النبات ومنه على الإنسان، ولسنا بحاجة إلى تأكيد المخابر عن هذه المضار، مجرّد نظرة سريعة إلى مستوى الصحة المتدهور من سيء إلى أسوأ هو خير برهان عن هذه المضار، فالغذاء هو أهم عنصر للطاقة عند الإنسان، فإذا كان هذا الوقود ملوثاً فبالتأكيد ستظهر الأمراض لتنبهنا إلى أخطاءنا...

والآن عرفنا الداء فعلينا إيجاد الدواء... الحل هو استخدام علم اليوم للاستفادة من تجارب أجدادنا، لأنهم كانوا أقرب منّا إلى الأرض... وعلينا الابتعاد عن الأسمدة والمبيدات القاتلة واللجوء إلى البدائل الطبيعية والصديقة للبيئة والإنسان... سنحاول من خلال هذا الموقع أن نقدم أفضل البدائل لمختلف الأسمدة والمبيدات وأن نرمي الضوء على مختلف الممارسات الخاطئة في زراعاتنا اليوم آملين أن نصل إلى مستوى أفضل في الصحة والبيئة...